ماذا تعرف عن الصحة النفسية...

أجرت البحث ورشة الموارد العربية وشركاؤها في تسعة بلدان عربية وجاءت أبرز النتائج والتوصيات كما يلي:

* يشهد معظم الدول العربية اهتماماً متزايداً وملحوظاً بالصحة على كافة المستويات، إلا أنّ الاهتمام بالصحة النفسية لا يرقى إلى درجة الاهتمام بالصحة العامة على الرغم من انتشار المشكلات النفسية. إضافةً إلى ذلك، لا تعتبر قضية الصحة النفسية حتى يومنا هذا من ضمن أولويات الصحة في العالم العربي. وتبتعد الميزانيات المخصّصة للصحة النفسية في البلدان العربية عن توصيات منظمة الصحة العالمية التي توصي بأن تشكّل موازنة الصحة النفسية 10% على الأقل من موازنة وزارة الصحة (بل إنها تكاد لا تذكر باعتبارها بنداً مستقلاً). يعود هذا الإهمال إلى جملة من العوامل المتداخلة يشكّل ضعف الدعم المادي ونقص الكوادر البشرية المدربة وقلة المعرفة بالموضوع والوصمة الاجتماعية. يضاف إلى كل ذلك الظروف الصعبة التي تعيشها البلدان العربية (فقر، احتلال، حروب، نزاعات، عدم استقرار سياسي وأمني...) والتي تلقي بوطأتها على الصحة النفسية والجسدية للسكان.



الواقع

يتّصف واقع الصحة النفسية في البلدان العربية بالتالي:

* كثرة الجمعيات والمؤسسات العاملة بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا المجال، والتي تواجه الكثير من المشكلات والعوائق.
* وفرة الجمعيات العاملة مع الأطفال والشباب والناشطة في مجالات التعليم والتأهيل والإرشاد النفسي والاجتماعي.
* تعاني هذه الجمعيات نقصا في الكوادر المؤهلة والجاهزة للعمل في هذه المجالات إضافة إلى نقص المهارات، لا سيما المهارات الإرشادية لدى العاملين فيها.
* تعاني هذه الجمعيات نقصا في الموارد المعرفية اللازمة لتطوير معارف ومهارات العاملين فيها، وغياب التعاون المجتمعي والتنسيق مع المدارس وباقي مؤسسات المجتمع المحلي.
* نقص التمويل والتحديات المادية كمشكلة مشتركة تواجهها معظم هذه الجمعيات.
* تعاني فئة المسنين في البلدان العربية قلة أشكال الخدمات والرعاية التي تتوجّه لهذه الفئة العمرية، إذ أن معظم الجمعيات التي شملها المسح تركّز اهتمامها على الفئات العمرية الأصغر.
* نقص الإحصاءات الرسمية والأبحاث العلمية في مجال الصحة النفسية والاضطرابات النفسية في كل بلد.
* نقص في مجال القدرات البشرية في الصحة النفسية وأعدادها ومستوى تأهيلها واحتياجاتها. وعلى الرغم من الحاجة الكبيرة والمتزايدة للأبحاث والدراسات النفسية في هذه البلدان، تبقى الأبحاث العلمية قليلة ولا تفي بالاحتياجات المعرفية المطلوبة.
* انخفاض نسبة متلقي العلاج النفسي من الذين يحتاجون إليه مقارنةً بالدول الغربية
* ارتفاع نسبة الاضطرابات النفسية ـ الجسدية (psychosomatic disorders) أي ظهور الأعراض الجسدية الناتجة من الضغوطات النفسية.
* غياب المفهوم الإيجابي للصحة النفسية (اللياقة النفسية وتحسين نوعية الحياة) وقصور أو غياب مفهوم الصحة النفسية المجتمعية والطب النفسي المجتمعي في معظم البلدان العربية المشاركة في الدراسة، وعدم وجودها ضمن مكوّنات برامج الرعاية الصحية الأساسية.
* النقص الواضح في مجال الإرشاد النفسي المبني على المدرسة وأنشطة التوعية النفسية داخل المدارس
* غالبية الأنشطة المنفذة تتركز حول مكافحة الإدمان.
* نقص السياسات والاستراتيجيات الواضحة الداعمة للصحة النفسية ما يفسر الكثير من المشكلات.

على الرغم من انتشار المشكلات والاضطرابات النفسية والظروف الصعبة السائدة والمتزايدة، إلا أن الكثير من العوامل الحامية تتوافر في المجتمعات العربية. فالروابط العائلية والاجتماعية إلى جانب بعض الطقوس السائدة، كطقوس الحداد وغيرها من المناسبات المجتمعية، ودور الدين والإيمان، تشكّل جميعها عوامل حماية ودعم ينبغي عدم غضّ النظر عنها.

التوصيات

هناك جملة من المسائل المتعلقة بالصحة النفسية ومجموعة من التوصيات التي ينبغي أن يتم العمل عليها من قبل الناشطين والمتخصصين والمهتمين بالمجال، بهدف تعزيز الصحة النفسية والاستفادة من الموارد والعوامل المتوافرة ومعالجة التحديات العديدة.

من أبرز هذه التوصيات:

موارد الصحة النفسية:
- تجميع الموارد العربية المتوافرة، ودراسة ملاءمتها
- إنتاج موارد تناسب المستويات والتدخلات- والسياقات- المختلفة
- إتاحة الوصول إلى الموارد باستخدام الانترنت

توعية وإنشاء شراكات:
- تطوير الوعي المعرفي في المجتمع وبناء اتجاهات ايجابية
- العمل مع الفعاليات الموجودة في المناطق
- تفعيل دور الإعلام في مجال التوعية

تطوير القدرات وتدريب في مجال الصحة النفسية:
- تدريب مدرّبين حول الصحة النفسية
- تدريب الكوادر العاملة في الصحة النفسية وفي مجال الرعاية الاجتماعية
- تدريب المعلمين والمرشدين في المدارس

تشبيك في مجال الصحة النفسية:
- تكوين شبكة من العاملين في المجال
- تنظيم لقاءات إقليمية ومؤتمرات حول الصحة النفسية تكون فرصة لتبادل الخبرات

دمج الصحة النفسية في مختلف البرامج العاملة:
- تعزيز جوانب الصحة النفسية في مجال الرعاية الصحية الأولية
- دمج الصحة النفسية في البرامج والأنشطة التنموية للجمعيات

سياسات وتشريعات خاصة بالصحة النفسية:
- مراجعة وتطوير وتفعيل القوانين في مجال الوقاية للصحة النفسية
- الحاجة إلى وجود مرشد تربوي في كل المدارس (الرسمية والخاصة)
- العمل على دمج الصحة النفسية في إطار خطة وطنية شاملة

٭ المصدر:

الصحة النفسية في البلدان العربية: دراسة في تسعة بلدان عربية (الأردن والسودان والعراق واليمن والمغرب وسوريا ولبنان ومصر وفلسطين واليمن).
تقرير صدر في تشرين الأول/ أكتوبر 2009 عن برنامج الصحة النفسية في ورشة الموارد العربية.